-->

الإسلام دين الرحمة

إن السمة الخلقية الخاصة التي يتسم بها الإسلام هي أنه دين الرحمة ، ومن بين أسماء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، اسم نبي الرحمة ، فقد قال الله عز وجل فيه : ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)) . (سورة الأنبياء. الآية 107). وافتتاح سائر سور القرآن الكريم بالبسملة له دلالته الخاصة على هذا المعنى . وقد تكرر وصفه تعالى بالرحمة في غير ما آية من الذكر الحكيم ، وأخبرت إحدى الآيات الكريمات أن رحمته تعالى وسعت كل شيء ، فدل هذا التعبير العام على عظمة هذه الصفة ، وما لها من عموم التعلق بجميع الكائنات ، وثم آية أخرى يقول العلماء إنها أرجى آية في القرآن وهي قوله تعالى : ((قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)) . (سورة الزمر . الآية : 53). وفعلا فإنها خاطبت المطيع والعاصي بدون استثناء ، وفتحت أبواب الرجاء للجميع في مغفرة جميع الذنوب ، رحمة منه تعالى لعباده الضعفاء ، وأكدت ذلك بجميع أدوات التأكيد حين ختمت بهذين الوصفين البليغين : الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .
وقد جاء في السنة النبوية ما يطابق الآية الكريمة “وَرَحْمَتِى وَسِعَتْ كُلَّ شَىْءٍۢ” وذلك هو قوله صلى الله عليه وسلم : ((إن الله تعالى لَمَّا خَلَقَ الْخَلْقَ كَتَبَ  عَلَى نَفْسِهِ أنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي )) . وفي حديث آخر ، ((إن الله تعالى جَعَلَ الرَّحْمَةَ في مِائَةَ جُزْءٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ جُزْءًا ، وَأَنْزَلَ فِى الأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا ، فَمِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الْخَلْقُ ، حَتَّى تَرْفَعَ الْفَرَسُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ)).
الإسلام،دين،الرحمة،رحمة الله،الرحمة في القرآن الكريم،رحمة المخلوقات

وقد عم القرآن الكريم بالرحمة كل شيء ، فهي تشمل الإنسان والحيوان. ومن الأمثلة المضروبة على ذلك في السنة النبوية ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ((قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْيٌ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَحَلب ثَدْيهَا تسقي ، فإِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ ، فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا  وَأَرْضَعَتْهُ ، فَقَالَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَتَرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ " ؟ فَقُلْنَا : لا ، وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لا تَطْرَحَهُ . فَقَالَ : اللَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا )).

فالإسلام دعا أهله إلى الرحمة ليتخذوها شعارا لهم وميثاقا خلقيا ينظم علاقاتهم الفردية والجماعية ، وتصرفاتهم في الحياة إزاء الناس وجميع المخلوقات.
عن مقال لعبد الله كنون ((الاسعاف في نظر الإسلام )) – مجلة دعوة الحق – ص : 109 وما بعدها . ع 7 أبريل 1959

* بطاقة التعريف بالكاتب : [عبد الله كنون]

عبد الله كنون،كاتب مغربي،النبوغ المغربي،شرح الشمقمقية،لوحات شعرية،تاريخ المغرب

مراحل من حياته
أعماله ومؤلفاته
- ولد بمدينة فاس سنة 1908
- رحل سنة 1914 إلى طنجة حيث استقرت أسرته بعد أن حالت ظروف الحرب العالمية الأولى دون هجرتها إلى الشرق.
- اشتغل ابتداء من سنة 1936 بالتدريس حيث أسس مدرسة "عبد الله كنون" الحرة والمعهد الديني بطنجة.
- تقلد منصب وزير العدل  بين سنتي 1954-1956.
- ترأس عبد الله كنون تحرير مجلة "لسان الدين"
- عمل مديرا لجريدة "الميثاق"
- النبوغ المغربي المغربي في الأدب العربي
- شرح مقصورة المكودي
- أمراؤنا الشعراء
- مدخل إلى تاريخ المغرب
- واحة الفكر
- شرح الشمقمقية
- أحاديث عن الأدب المغربي الحديث
- لوحات شعرية

أولا: ملاحظة النص واستكشافه:

  1. العنوان: يتألف من ثلاث كلمات ومركبين : الأول : إسنادي (الإسلام دين) ، والثاني إضافي (دين الرحمة) . ويدل العنوان على صفة تميز الدين الإسلامي وهي صفة الرحمة
  2. بداية النص: تنسجم مع العنوان لأنها تتضمن ألفاظه (الإسلام+دين+الرحمة) وتشير إلى معناه (الإسلام يتميز بصفة الرحمة)
  3. نهاية النص: تنسجم بدورها مع العنوان ومع بداية النص لأنها تشتمل على الألفاظ ذاتها ، مما يدل على رغبة الكاتب في التأكيد على هذه الصفة المميزة للإسلام وهي صفة الرحمة.
  4. نوعية النص: مقالة تفسيرية ذات بعد إسلامي

ثانيا: فهم النص:

  1. الإيضاح اللغوي: -التعلق: مصدر تعلق بالشيء أو الشخص ارتبط به وتشبت به - طارحة: اسم فاعل من طرح الشيء : رماه ، والمراد : أن تلقي ابنها - البليغين: الفصيحين والواضحين.
  2. الفكرة المحورية: الرحمة مبدأ أساسي يتميز به الدين الإسلامي.
  3. الأفكار الأساسية:
أ- تميز الإسلام بالرحمة ، ومن مظاهر ذلك تسميته صلى الله عليه وسلم بنبي الرحمة.
ب- شمولية رحمته تعالى لجميع الكائنات وجميع الذنوب.
ج- دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى التراحم بينهم اقتداء برحمته تعالى.
د- دعوة الإسلام الناس إلى اتخاذ الرحمة نمطا وأسلوبا للعيش.

ثالثا: تحليل النص:

1- مظاهر الرحمة في الدين الإسلامي:
عند الله تعالى
عند الرسول صلى الله عليه وسلم
في القرآن الكريم
عند سائر المخلوقات
- تكرر وصفه تعالى بالرحمة في غيرما آية
- رحمة الله تعالى وسعت كل شيء
- مغفرته تعالى لجميع الذنوب
- رحمته تعالى تغلب غضبه
- جعله الرحمة في مائة جزء…
- تسميته صلى الله عليه وسلم باسم نبي الرحمة. - افتتاح سائر سور القرآن الكريم بالبسملة - الفرس التي ترفع حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه
- المرأة المرضعة في السبي
2- بناء النص:
اعتمد الكاتب في بناء مقالته منهجا استقرائيا انتقل فيه من العام إلى الخاص ، حيث وصف الإسلام بالرحمة ، ثم قدم بعد ذلك أمثلة ومظاهر لهذه الرحمة في الإسلام.

رابعا: التركيب والتقويم:

         الرحمة صفة مميزة للدين الإسلامي ومبدأ أساسي لتنظيم العلاقات بين الناس ، وتتخذ الرحمة في الإسلام مظاهر متعددة تتجلى أولا في رحمة الله الواسعة والشاملة لسائر المخلوقات ،  وثانيا في رسوله الكريم الذي سمي بنبي الرحمة ، وثالثا في القرآن الكريم المفتوحة سائر سوره بالبسملة ، ورابعا عند سائر المخلوقات التي تعطف على صغارها وتحن عليها بما ألهمها الله تعالى من رحمته.
         * على مستوى الأسلوب اعتمد الكاتب :
- أسلوب التوكيد: ويتجلى في تكرار لفظة الرحمة ، وفي عبارات من قبيل : إن السمة الخلقية ، – أكدت ذلك بجميع أدوات التوكيد…
- الاستشهاد: حيث وظف الكاتب استشهادات من القرآن الكريم ومن السنة النبوية.