-->

معضلات عالمية

من عشر سنوات مضت، كان الناس متفائلين متطلعين إلى آمال عظيمة، غير أن أوضاع العالم قد تدهورت بشكل ملحوظ، وأن الاتجاهات المدمرة تزداد قوة في ثبات وفي انتظام. وإذا نظرنا إلى المحاولات العلمية والتكنولوجية، فإننا نجد أنها أحرزت تقدما في جميع الجبهات، غير أننا نلحظ انعدام التنسيق، وسوء التوزيع لهذه المنجزات على المستوى العالمي، مما أدى إلى ما خلفته منمشكلات كان أكثر مما قدمته من حلول، ونجد في الوقت نفسه أن هناك مشكلات لها طبيعة سياسية واجتماعية  وسيكولوجية، تظل تظهر من آن لآخر، وتتشابك كلها بصورة تجعل مصير الإنسان أكثر تعقدا، كما تجعل ظروفه تستمر وتتجه نحو التدهور.

من الواضح ان في نظام حياتنا أخطاء أساسية، فلم يحدث أن تمكنت البشرية حتى اليوم من ضمان الحدود الدنيا لمقومات الحياة لكل الناس. ولم يحدث أن أصبحت البشرية في سلام مع نفسها أو مع الطبيعة، وسنورد هنا من الحقائق والاتجاهات ما يكفي لإيضاح ما يحدث من تغيير في حياة الإنسان وظروفه.

ومن المشكلات الأساسية الكبرى مشكلة التزايد السكاني العالمي، وهي تنبع من عدم رغبتنا أو عدم قدرتنا على ضبط أعداد السكان التي تركض في تصاعدها، ومن شأن هذا الضغط الديموغرافي أن يعرض البشرية لأعباء لا قبل لها بها، وفي وقت هي فيه على جانب كبير من الضعف، ذلك أن ما يربو على ثلث العالم يعيشون تحت خط الفقر، ولا يوجد شك في أن النسبة نفسها من أطفال العالم أو ما يزيد، سوفيتعرضون للمصير نفسه، وليس أمامنا مخطط طويل المدى يوضح لنا طريقة ملائمة نوقف بها حركة هذه الموجات السكانية، ومع ذلك فإن ما سوف يحتاج إليه سكان العالم من بنية تحتية مادية كالمساكن والمدارس والمستشفيات والمصانع والمدن... يتضمن عمليات إنشائية تساوي في حجمها حجم ما قام به الناس منذ العصور الوسطى إلى اليوم.

ومن الظواهر العالمية الحالية أننا على غير وئام مع الطبيعة، مع العلم بأن مشكلتنا الكبرى معها ليست هي استنزاف المواد غير القابلة للتجدد، ذلك أنه بالرغم من إسرافنا في استخدامها، فإنه يمكن العثور عليها بكميات طيبة في قشرة الأرض، وبواطن المحيطات، وهنالك في الواقع موارد كثيرة نضبت محتوياتها، فأصبحت تكلفة استخراج محتوياتها وتحويلها مرتفعة لدرجة لا يمكن قبولها، ومن امثلة هذه الموارد : الأرض الزراعية، والطاقة، وقد كان الملح سببا من أسباب شن الحروب في يوم من الأيام، واليوم حلت الطاقة محل الملح، وربما كان الغذاء هو ملح الاقتصاد المعاصر، ومن أشد الأخطار المحققة التي نواجهها تلك التي تتعلق بالموارد المتجددة، ومثال ذلك التدهور السريع في الغابات الاستوائية المطيرة وزحف الصحاري وانقراض الحياة الحيوانية والنباتات البرية، فإذا استمرت هذه الأخطار فسوف يكون مصيرنا أن نخسر خسارة فادحة في مجالات المأوى والإسكان والبيئة والصحة ولون الحياة، بل في القدرة على البقاء والاستمرار. والسؤال الذي يطرح نفسه علينا الآن هو : هل من أمل في تغيير الاتجاه؟

المهدي المنجرة عن "من المهد إلى اللحد". ص 31 . دار الستوكي للنشر
معضلات عالمية

* التعريف بالكاتب [ المهدي المنجرة ]

* مراحل من حياته:

- ولد بالرباط سنة 1933م
- استكمل دراسته الجامعية بالولايات المتحدة الأمريكية
- عمل مستشارا وعضوا في العديد من المنظمات والأكاديميات الدولية
- حصل على العديد من الجوائز الوطنية والدولية

* أعماله:

- نظام الأمم المتحدة
- من المهد إى اللحد
- الحرب الحضارية الأولى
- حوار التواصل
- الإهانة في عهد الميغا إمبريالية

أولا: ملاحظة النص واستكشافه:

1- العنوان :
- تركيبيا : مركب وصفي يتكون من كلمتين
- معجميا : ينتمي العنوان إلى المجال السكاني / البيئي
- دلاليا : يدل العنوان على المشكلات العويصة التي يستعصي حلها ، وهي مشكلات ذات طابع عالمي ولا تقتصر على بلد دون سواه.
2- بداية النص : لم يتكرر فيها العنوان ، ورغم ذلك نجد بعض الألفاظ التي تنسجم مع معناه مثل : (تدهورت – المدمرة)
3- نهاية النص : يتنبأ فيها بالمشاكل البيئية التي ستواجه الإنسان مستقبلا إذا لم يغير من أسلوبه في التعامل مع البيئة ويتساءل فيما إذا كان هناك أمل في تغيير هذا الأسلوب.
4- نوعية النص : مقالة تفسيرية ذات بعد سكاني

ثانياً: فهم النص:

1- الإيضاح اللغوي:
- متفائلين : ينظرون بإيجابية إلى المستقبل . ضد متشائمين
- سيكولوجية : نفسية
- الأعباء : الأثقال ، مفرده عبء
2- الفكرة المحورية:
أدى التعامل السيء للإنسان مع بيئته إلى ظهور معضلات عالمية كبرى تلحق ضررا كبيرا بالإنسان وبيئته.
3- الأفكار الأساسية:
أ – تدهور أوضاع العالم وظهور معضلات عالمية بسبب التعامل السيء للإنسان مع بيئته.
ب- من المعضلات العالمية في عصرنا الراهن : مشكلة التزايد السكاني في ظل الفقر والعجز عن توفير البنية التحتية للسكان.
ج- من المعضلات أيضا: عدم التواؤم مع الطبيعة واستنزاف مواردها.

ثالثاً: تحليل النص:

1- يمكن صياغة الأفكار السابقة في جدول كالتالي:
أسباب المعضلات العالمية
مظاهرها
نتائجها
- تزايد الاتجاهات المدمرة للإنسان تجاه بيئته
- انعدام التنسيق وسوء توزيع المنجزات العلمية على المستوى العالمي
- العجز عن ضمان الحدود الدنيا لمقومات الحياة لكل الناس
- التزايد السكاني
- عدم التواؤم مع الطبيعة
- أعباء لا قبل لنا بها
-  التدهور السريع لموارد الطبيعة
- خسارة فادحة في مجالات المأوى والإسكان والبيئة …
2- الألفاظ والعبارات الدالة على المجال السكاني:
[ البنية التحتية – الضغط الديموغرافي – المأوى والإسكان – البيئية والصحية – التزايد السكاني – المستشفيات – المدن…]

رابعاً: قيمة النص:

يتضمن النص قيمة توجيهية / سكانية تتجلى في التحسيس بخطورة المشاكل السكانية  التي تواجه سكان العالم بسبب سوء تعاملهم مع البيئة.