-->

من حقيقة الإسلام

لقد كرم الإسلام الإنسان جاعلا منه خليفة الله في الأرض والمسؤول عن إصلاحها وتدبير أمورها بالعدل.
والعمل الصالح مفهوم ينطلق من التحلي بالخلق الفاضل ، ويمتد لتقديم الأفراد والجماعات خدمات اجتماعية ، توفر لكل فرد أن يقوم بدوره الإيجابي في تطوير حياة مجتمعه كمسؤول كامل المسؤوولية. وقد عبر الإسلام عن ذلك بتعبير الاستقامة التي تردد ذكرها في أحاديث نبوية ، منها ما رواه أبو عمر وسفيان بن عبد الله قال : ((قلت يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيرك)). فقال الرسول : ((قل آمنت بالله ثم استقم)) ، أي الجمع بين صلاح الاعتقاد وصلاح العمل.
العدلوقد أشاد الإسلام بفضل العمل والعلم ، مفضلا العامل المفيد لمجتمعه والعالم الذي يلقن الجماعة علمه على من ينكفئون على أنفسهم. كما جعل إقامة العدل في الأرض الغاية من إرسال الرسل بالكتب المنزلة بالوحي ، وذلك ما يشخصه قوله تعالى : ((لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط)). ومن معاني العدل : عدل الإنسان مع نفسه الذي يحصل بتجنب ظلمها . والظلم يكون بطرق مختلفة ، وخاصة باتباع الأهواء والاستغراق في الشهوات.
ومن معاني العدل أيضا العدل بين جميع الناس وفي جميع الأحوال تحقيقا لمبدإ الإنصاف والمساواة.
عبد الهادي بوطالب : ((حقيقة الإسلام)) افريقيا الشرق – 1998 ، ص 121 – 128 (بتصرف)

  • بطاقة التعريف بالكاتب عبد الهادي بوطالب:

مراحل من حياته
أعماله ومؤلفاته
- مفكر وكاتب وسياسي وديبلوماسي مغربي
- ولد بفاس سنة 1923
- تخرج من جامعة القرويين
- عمل  أستادا بالمدرسة المولوية
- تقلد عدة مناصب وزارية
- عمل سفيرا للمغرب بكل من بيروت ودمشق وواشنطن…
- عمل أستاذا للقانون بجامعة محمد الخامس بالرباط ، والحسن الثاني بالدار البيضاء.
- وزير غرناطة
- الصحوة الإسلامية
- نظرات في القضية العربية
- حقيقة الإسلام
- دور التربية في تنمية العالم الإسلامي وتضامنه
- المرجع في القانون الدستوري والمؤسسات السياسية
- الشريعة والفقه والقانون

أولا: ملاحظة النص واستكشافه:

  1. العنوان: يتكون من ثلاث كلمات تكون فيما بينها مركبين : الأول مركب إسنادي  جاء جملة إسمية مكونة من خبر شبه جملة (من حقيقة…) ومبتدإ محذوف تقديره (هذا ) أي : هذا من حقيقة الإسلام .أما المركب الثاني فهو مركب إضافي (حقيقة الإسلام) . وتدل ((من)) في بداية العنوان على التبعيض : أي بعض من حقيقة الإسلام.
  2. بداية النص: تشير بداية النص إلى حقائق إسلامية وهي التكريم والخلافة والعدل
  3. نهاية النص: تنسجم مع بداية النص وتلتقي معها في لفظة العدل باعتباره حقيقة إسلامية لتؤكدها وتبين الغاية منها (الإنصاف والمساواة)
  4. نوعية النص: مقالة تفسيرية ذات بعد إسلامي.

ثانيا: فهم النص:

  1. الإيضاح اللغوي: - الخلق الفاضل:  الخلق الحميد الحسن   -    أشاد: أشاد بالشيء : رفع من قيمته وقدره   -    ينكفئون: انكفأ على نفسه : مال إليها   -    يشخصه:  يجسده
  2. الفكرة المحورية: تتجلى حقيقة الإسلام في تكريم الله تعالى للإنسان وجعله خليفته في الأرض ، ودعوته إلى إلى الاستقامة والعدل.

ثالثا: تحليل النص:

1- مظاهر تكريم الإسلام للإنسان:

المسؤولية
العمل الصالح
العدل
- خلافة الله في الأرض
- تطوير حياة المجتمع
- القيام بالدور الإيجابي
- مسؤول كامل المسؤولية
- تحقيق النفع العام
- صلاح العمل
- الإشادة بفضائل العمل
- الخدمة الاجتماعية
- تجنب ظلم النفس
- تدبير الأمور بالعدل
- عدل الإنسان مع نفسه
- العدل بين جميع الناس
- تحقيق الإنصاف والمساواة

2- تجليات الخطاب الحجاجي في النص:

***وظف الكاتب خصائص فنية تنسجم مع طبيعة الخطاب الحجاجي المحمول في النص . ومن هذه الخصائص :
الاستشهادات
الجمل الخبرية
- ((قلت يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا…))
- ((لقد أرسلنا رسلنا بالبينات…))
- لقد كرم الإسلام الإنسان
- وقد أشاد الإسلام

رابعا: التركيب والتقويم:

يبرز الكاتب من خلال هذه المقالة أن الدين الإسلامي يرتكز على حقيقة أساسية وهي العدل الذي يعتبر غاية ووسيلة في نفس الوقت ، فهو غاية لأن الأنبياء والرسل إنما بعثوا لإقامة العدل ، وهو وسيلة لأنه أداة لتحقيق المساواة والإنصاف ، غير أن هذه الحقيقة لا تكتمل إلا إذا سعى الإنسان إلى  العمل الصالح المقرون بالاعتقاد الصحيح ، مما يؤهله لتحمل مسؤولية الخلافة على أكمل وجه ، ويجعله مستحقا للتكريم الذي حظي به من الله تعالى.