-->

الامتحان الموحد المحلي لمادة اللغة العربية / دورة يناير 2007

         حل العام الجديد وميادين الحروب لا تزال ملوثة بالدماء ، وجذور الشر القديمة لا تزال ناشبة بنفوس البشر ، حتى ما يتمنى أحد أن تقع عينه على أحد…سحائب البغضاء القاتمة لا تزال مخيمة على المجتمع الإنساني من أدناه إلى أقصاه شعوبا وقبائل وأجناسا و أنواعا ، ومذاهب و أديانا ، ومازل وأوطانا ، فيبغض الرجل صاحبه لأنه يخالفه في جنسه ، فإن عرف أنه يوافقه أبغضه لأنه يخالفه في دينه ، فإن وافقه فيه أبغضه لأنه ينطق بغير لغته ، فإن نطق بها أبغضه لأنه لا يشاركه في وطنه ، فإن كان مشاركا له أبغضه لأنه يزاحمه في حرفته ، فإن بعد عن طريق مزاحمته أبغضه لأنه يخالفه في رأيه ، فإن لم يخالفه أبغضه لأنه لا يحاكيه في لونه ، فإن لم يجد شيئا من هذا ولاذاك أبغضه لأنه شخص سواه! كأن قضاء حتما على الإنسان أن يبغض كل صورة غير الصورة التي يراها كل يوم في مرآته.
          …لا سعادة في الحياة إلا إذا نشر السلام أجنحته البيضاء على هذا المجتمع البشري ، ولن ينتشر السلام إلا إذا هدأت لأطماع النفوس ، واستقرت فيها ملكة العدل والإنصاف ، فعرف كل ذي حق حقه وقنع كل بما في يده عما في يد غيره ،فلا يحسد فقير غنيا ، ولا عاجز قادرا ، ولا محدود محدودا ، ولا جاهل عالما ،و أشعرت القلوب الرحمة والحنان على البائسين والمنكوبين فلا يهلك جائع بين الطامعين ، ولا عار بين الكاسين ، وامتلأت النفوس عزة وشرفا.
المنفلوطي . ((النظرات)) . ط : 2001 . الدار النموذجية . ج 2 . ص : 132 ، 135 . – بتصرف -