-->

الامتحان الموحد المحلي لمادة اللغة العربية / دورة يناير 2009

…وصلنا إلى مدينة ((مالقة)) ، إحدى قواعد الأندلس. وبلادها الحسان جامعة بين مرافق البر والبحر ، كثيرة الخيرات والفواكه. رأيت العنب يباع في أسواقها بحساب ثمانية أرطال بدرهم صغير . ورمانها لا نظير له في الدنيا ، وأما التين واللوز فيجلبان من أحوازها إلى بلاد المشرق والمغرب.
و ب((مالقة)) يصنع الفخار المذهب العجيب ، ويجلب منها إلى أقاصي البلاد. ومسجدها كبير الساحة ، شهير البركة ، وصحنه لا نظير له في الحسن…ثم سافرت منها إلى مدينة ((غرناطة)) ، قاعدة بلاد الأندلس وعروس مدنها ، وخارجها لا نظير له في بلاد الدنيا ، وهو مسيرة أربعين ميلا ، تخترقه الأنهار الكثيرة ، والبساتين والجنان والرياض والقصور.
وكان ملك غرناطة في عهد دخولي إليها السلطان أبا الحجاج يوسف بن السلطان أبي الوليد…ولم ألقه بسبب مرض كان به…ولقيت بغرناطة جملة من فضلائها ، منهم قاضي الجماعة الشريف البليغ أبو القاسم الحسيني السبتي ، ومنهم فقيهها المدرس الخطيب العالم أبو عبد الله البياتي ، ومنهم قاضيها وعالمها أبو سعيد فرج بن قاسم…كما لقيت بها الشيوخ والمتصوفين ، وكان منهم الفقيه أبو علي عمر بن أبي عبد الله ، وأقمت أياما بزاويته وأكرمني أشد الإكرام…
ثم سافرت إلى ((رندة)) ثم إلى قرية ((بني رياح)) فأنزلني شيخها أبو الحسن علي بن سليمان الرياحي ، وهو أحد كرماء الرجال وفضلاء الأعيان ،ويطعم الصادر والوارد ، وأضافني ضيافة حسنة . ثم سافرت إلى جبل الفتح  ، وركبت البحر في المركب الذي جزت فيه أولا …وعدت إلى المغرب…
ابن بطوطة . تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار.
-بتصرف-