-->

أصدقائي الستة

لكل إنسان منا ستة أصدقاء مخلصين ، يستطيع أن يستعين بهم على مواجهة الحياة. هؤلاء الأصدقاء المخلصون ، هم الذينتعلمت منهم كل شيء ، أسماؤهم هي : ((من؟ ماذا؟ لماذا؟ متى؟ أين؟ وكيف؟)). ولأني ممن يكرهون استعمال كلمة ((خادم)) و ((خادمة)) ، فإني أفضل أن اعتبرهم أصدقاء أعزاء ، لا خدما.
تحليل النص القرائي ((أصدقائي الستة))وأعتقد أنني من أكثر الناس استفادة في حياتي ن من خدمات هؤلاء الأصدقاء الاجلاء.. فكلما اصطدمت في حياتي اليومية بشيء لم أفهمه ، ولم أستوعب سره ، لجأت إلى أحد أصدقائي طالبا معونته ، فإذا قرأت في صفحة عبارة لم أفهمها ، لجأت إلى صديقي ((ماذا؟)) ، لأعرف عن طريقه ماذا تعني هذه العبارة ، وما المقصود منها. فإن لم أجد لدى من حولي من الزملاء والمعرف جوابا ، سألت كتبي ومراجيعي . وإذا قرأت اسم شخصية تاريخية ، لا أعرفها ، لجأت إلى صديقي ((من؟)) وسألته المساعدة. وإذا رأيت جهازا من مبتكرات العلم الحديث ، لا أعرف وظيفته ، استدعيت صديقي ((كيف؟)) من إجازته ، وسألته المشورة. وهكذا في كل أمور المعرفة وشؤون الدنيا.
كلما سألت معارفي وكتبي سؤالا ، وحصلت على إجابة شافية ، أحسست أني قد ارتقيت قليلا في سلم البشر. وذلك أني أومن بأنه لا قيمة لإنسان في الحياة ، إلا بما يعرفه ، وبما تعكسه عليه هذه المعرفة من فهم للحياة ، ومن سعة أفق في التعامل مع الآخرين ، ومن رقة في المعاملة وحسن المعاشرة ، ومن تشبع بالمثل العليا.
لأن من يعرف أكثر ، يكون غالبا أكثر استعدادا لالتماس الأعذار للآخرين ، وأكثر استعدادا للتسامح معهم ، وأكثر احتراما لآراء غيره ، وأكثر استعدادا للتنازل عن رأيه ، إذا تبينت له أوجه الخطإ فيه.
كما أنه من المفروض أن يكون أكثر التزاما بالأخلاق ، باعتبار الفضيلة هي المعرفة ، كما كان يعتقد الفيلسوف سقراط ، إذ لا يمكن في تصوره أن يعرف الإنسان الخير ثم لا يفعله ،  ولا يمكن أن يعرف الإنسان الشر ثم يقدم عليه. فارتكاب الإنسان الرذيلة سببه الجهل بالفضيلة إذ يقول الله تعالى : (( إنما يخشى الله من عباده العلماء))
عبد الوهاب مطاوع . عن ((صديقي لا تأكل نفسك)) ص 54 . دار الشروق – الطبعة الثالثة 1989م

*ملاحظة النص واستكشافه :
1- العنوان : يتكون من ثلاث كلمات ومركبين : الأول إضافي (أصدقائي) والثاني وصفي  (…الستة)
2- الصورة المرفقة : تنسجم مع العنوان لأنها تتضمن صورة شخص متسائل ، وأمامه علامة استفهام تحيط بها ست أدوات للاستفهام (من – ماذا – كيف – لماذا – متى – أين).
3- بداية النص : نلاحظ تكرار ألفاظ العنوان في بداية النص ، مع تعميم صداقة هؤلاء الأصدقاء الستة على كل الناس ، ووصفهم بالمخلصين.
4- نهاية النص : ينتهي النص بآية قرآنية تصف العلماء بخشية الله ، مما يعطي للنص بعدا حجاجيا / إقناعيا 
5- نوعية النص : نص تفسيري ذو بعد ثقافي

* فهم النص :
1- الإيضاح اللغوي :
- الأجلاء : العظماء..
- تشبع بالمثل العليا: تزين واتصاف بالقيم السامية 

2- الفكرة المحورية :
توضيح الكاتب منهجه في اكتساب المعرفة وإبراز دور هذه المعرفة في مواجهة الحياة ، وتطوير العلاقات مع الناس ، والتحلي بمكارم الأخلاق.

* تحليل النص :
1- الأفكار الأساسية :
* يتضمن النص فكرتين رئيسيتين :
أ- اتخاذ الكاتب التساؤل وسيلة لمواجهة الحياة واكتساب المعرفة.
ب- دور المعرفة في الارتقاء بالإنسان و تطوير فهمه وعلاقته مع الآخرين. ودفعه للتخلق بالأخلاق الفاضلة.

2- تطبيق منهج النص في تحليل أفكاره :
أداة الاستفهام
من؟
ماذا؟
كيف؟
لماذا
متى؟
أين؟
صيغة السؤال
من هو صاحب النص؟ ماذا يقدم من أفكار؟ كيف يقدم يقدم هذه الأفكار؟ لماذا يقدم هذه الأفكار؟ متى يقدم أفكاره؟ أين يقدم أفكاره؟
الجواب
عبد الوهاب مطاوع يقدم أفكارا تلخص منهجه وفلسفته في الحياة اعتبار الأسئلة وسيلة لاكتساب المعارف لأنها تساعد على فهم الحياة وتحسين تعاملنا مع الغير والتشبع بالمثل العليا يقدم أفكارا صالحة لكل الأزمنة في نص بعنوان ((أصدقائي الستة))

3- الحقول الدلالية :
حقل المعارف
حقل القيم
لم أفهمه – لم أستوعب – قرأت – المعرف – جوابا – سألت – كتبي – مراجعي – لا أعرفها – ميتكرات العلم – إجابة – يعرفه – فهم للحياة – الفيلسوف – العلماء. رقة المعاملة – حسن المعاشرة – تشبع بالمثل العليا – التسامح – احتراما – التنازل – أكثرالتزاما بالأخلاق – الفضيلة.

* التركيب والتقويم :
من الضروري أن تكون للإنسان فلسفة في الحياة ومنهج يسير وفقه ، وأسلوب يتحرك على أساسه في مواجهة عراقيل الحياة.. والكاتب عبد الوهاب مطاوع هو واحد من الناس الذين يسيرون وفق منهج دقيق في الحياة ، حيث اتخذ من التساؤلات الكثيرة والمتنوعة سبيلا لفهم مشكلات الحياة ومواجهتها ، واكتساب المعارف الضرورية للارتقاء فكريا واجتماعيا وأخلاقيا..
وفعلا ، فالمعرفة تساعد صاحبها ، وترتقي به ، وتمنحه القدرة اللازمة للتمييز بين الفضيلة والرذيلة ، والابتعاد عن الجهل.
يتضمن النص قيمة ثقافية تتمثل في الثقافة الفكرية والأخلاقية والاجتماعية التي يكتسبها الإنسان بفضل المعرفة.